لطالما ارتبطت الوثنية بالعصور الجاهلية والتي كان مفهومها يتضمن العبودية لغير الله بالرغم من أن الوثنية في حقيقتها هي الانقياد والخضوع دون أن يكون ذلك الانقياد على الوجه الصحيح فاليوم عرف الناس دياناتهم واتبعوها و بغض النظر عن اختلاف كل دين وكل ملة, إلا أن ذلك لا يعني انتهاء الوثنية من الحياة بشكل قاطع !
فالوثنية لا تزال موجودة في كل وقت وفي كل صورة فحتى في مجال الدين نجد أناس يتبعون طقوسا معينة وينقادون لها بإصرار بالرغم من كونها ممارسات خاطئة حذر منها الدين ونفر منها وحينها أتساءل كيف يريد بشر ما أن يفرح ربه بتقديم ما يغضبه ؟!
هذا جانب والجانب الآخر نجد أن الوثنية تمتد إلى الحياة الاجتماعية وتعتبر العادات والتقاليد أكبر مثال لها فكل من يخل بعادة ما ينزل عليه غضب الناس وحنق المجتمع هذا إذا لم تلحق به وصمة عار لبقية حياته ، ألا يذكرنا هذا بما كان يلقى أحدهم في عصور الجاهلية حين يسفه الأصنام ؟؟!
وحين نعود إلى مطلع أربعينيات القرن الماضي وبالتحديد إلى عهد هتلر ووزير دعايته الشهير "جوبلز" الذي أقنع العالم كله بالنازية وكيف أنها سوف تمثل أفضل مستقبل للبشرية ,وليست هنا الفكرة في مدى إبداع قدراته في الدعاية ولكن الذي يدعو للعجب هو ذلك الكم من الناس الذين صدقوه وتبعوه وبذلوا أرواحهم وأبنائهم في سبيل مستقبل النازية المشرق.
ومما ذكرت نلاحظ مدى قابلية البشر للخضوع للوثنية سواء كان في عادة أو في تقليد أو غيره وكيف أن تعدد الطرق للإقناع هي السبب وراء عبودية الكثير من الناس وانقيادهم وأكبر وثنية نخضع لها اليوم هي وثنية أجهزة التكنولوجيا الحديثة وما تقدمه من مغريات تجعلنا نلهث ورائها ونقدم جيوبنا وعقولنا من أجل اقتنائها و حيازتها خاصة أنها متاحة للجميع صغارا وكبارا والأسعار تتراوح من شركة لأخرى مما يجعل القدرة على شرائها ممكنة.
وهكذا نرى أن الوثنية تختلف باختلاف الزمان والمكان والناس فقط تنقاد لها بصور مختلفة لكن لا يعني ذلك اختفائها من الوجود أو انعدامها من الكون فأينما وجد الناس وجدت الوثنية.